الأحد، 7 ديسمبر 2014

حنين للوطن و ألم الغربة ‏


كتبت : هديل مشلّح .

لأن البشر مختلفين بطبيعتهم باختلاف أفكارهم وآرائهم وقد لا يتفقون على شيء واحد بالإجماع  إلا أن شيئاً واحداً فقط لم يختلف  عليه أحد  إنها الغربة، نعم الغربة …. للغربة طعم مر كأنه الحنظل ، طعمها  لا يتغير على طول السنين … للغربة غصة تشعر  بها توجع الحناجر وتؤلم القلوب …الغربة ألم ووجع ينخر العظام .. في الغربة تكون وحيداً مهما حاولت …أعيش يومي وحيداً و يزداد الحنين كلما نظرت في المرآة لأرى كم تغيرت ملامحي وقد غزا الشيب رأسي وحفرت التجاعيد خدودي وأنا مازلت أحلم بموعد العودة ويوم اللقاء .. تظن أن أحبابك بانتظارك عندما تعود ولكنك تسمع في كل حين أن شخصاً تحبه قد وارى الثرى وأنت مازلت تحلم بتلك العودة وذاك اللقاء عندما تعرف أن أحداً من أهلك لديه فرح كم تزيد الغصة وكم يزيد المرار عندما لا تستطيع أن تشاركهم الفرح وأنت بعيداً وقد تبارك لهم عن طريق وسائل الاتصال الحديثة التي توصل الكلام مجرداً من المشاعر .
ظننت أنها قد تكون بضع سنوات قليلة فحزمت الأمتعة وودعت الأحباب وهاهي ذا تمر السنين ولم اعد اذكر عددها ولم أعد ..أحصيها ولم يعد أحد يذكرني لأنني بعيداً عن العين والبعيد عن العين مهما كانت محبته سيكون بعيداً عن القلب لكنني في الكثير من الأوقات أشعر بالحنين والشوق لرائحة المطر في طرقات بلادي.. أشتاق لحائط مدرستي وأشيائي .أغمض عيناي لأنام وأقول غداً سيكون مختلفاً لأرى أنني مازلت هنا وان الغصة مازالت موجودة وهذا الطعم المر لم يزل.
أحاول النهوض من سريري لأبدأ يومي الروتيني بالعمل الذي لا ينتهي  أعيش حياتي برخاء ورفاهية لكنني أدفع ثمنها غالياً.
دفعت عمري وجزءاً من روحي و الكثير من ذكرياتي ، حاولت إقناع نفسي بأنني أعيش سعيداً لكنني و في كل مرة يصيبني المرض أعرف أن لاشيء مما أنجزته في غربتي له قيمة تسعدني وأنا بعيد عن أحبابي وأهلي وأصدقائي .
الوطن كالأم الحنون مهما ابتعدت عنها عندما تعود تحتضنك بقوة وبكل حب …. والغربة كالبحر .. رائع في مظهره وغامض في أعماقه وعندما تبدأ السباحة في عرض البحر تضيع منك الوجهة وقد تغرق فيه وتنسى نفسك وتنسى السبب الذي جعلك ترغب بأن تبتعد عن شط الأمان وتظن أنك بمجرد أن نزلت إلى عرض البحر ستعود محملاً باللؤلؤ الذي ستجنيه لكنك تنسى العمر وتضيع السنين.
في كل مرة ازور الوطن أقول بيني و بين نفسي انتهى المشوار ، سأرجع لأحزم أغراضي وألملم ما بقي من عمري لأعود وأعيشه مع أهلي و أرجع إلى غربتي وتأخذني السنين مرة أخرى قبل أن أتذكر ما وعدت به نفسي .
أخيراً … كتبت وصيتي أنني حين أموت أود أن يوارى ثراي في وطني مع عائلتي التي سبقتني وكتبت في وصيتي أيضاً ألا ينسوا أن يمشوا بالنعش في حارتنا تحت بيت عائلتي ودكان الخضري.. قد تجتمع روحي في السماء مع أرواح عائلتي التي أحببت طالما أنني لم أستطع أن اجتمع معهم على الأرض.
كم هي مرة الغربة وكم تؤلمني تلك الغصة التي لم أجد لها حلاً ولا علاجاً ،، فأنا مازلت أعشق وطني وانتظر ذلك اليوم الذي سيجمعني بأحبابي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق